للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشفاعة للمجرم جريمة]

لا تدخل مجلساً، ولا تتحدث إلى أحد في شؤون البلد، إلا سمعت منه الشكوى المرة من بعض الموظفين الأشرار الذين يبيعون المصلحة العامة والأمانة والواجب بما يملأ جيوبهم أو يرضي شهواتهم، ويعجبون من بقاء هؤلاء الأشرار في مناصبهم، وثباتهم على كراسيهم، ويحملون الرؤساء تبعة بقائهم .. مع أن الذي يبقيهم ويدافع عنهم هم هؤلاء الناس الذين يشكون منهم. وكلما قام في دائرةٍ رئيسٌ مصلح حازم، فطرد واحداً من هؤلاء المفسدين أو كف يده، سلط هذا الموظف أصدقاءه واستعان هؤلاء بأصدقائهم، حتى يتوصلوا إلى إخوان الرئيس وإلى من يعز عليه، وإلى أصحاب المعالي وإلى وجوه الناس، فيصوروا لهم هذا المفسد المطرود على صورة الشهيد المظلوم، ويلبسوه ثوب التقى، ويحيطوا هامته بهالة التقديس، ولو كان اللص الذي يسرق في المحكمة، أو الفاجر الذي يفسق في الجامع.

ولا يزال هذا الجيش من الأصدقاء والكبراء والوجهاء يلاحق هذا الرئيس المصلح في مكتبه وفي داره، ويقابله بالكلام ويراسله بالكتب ويبعث إليه بالبطاقات، وهو يجاوب هذا ويكلم ذاك ويقنع الثالث ويشرح الأمر للرابع، حتى تتحطم أعصابه وتهن قواه. وهو إن تراجع خان المصلحة،

<<  <   >  >>