للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مزاح أم إجرام؟]

ما هذه العادة القبيحة التي تسربت إلينا، فأخذناها على غير وجهها وأجريناها غير مجراها؟ عادة الترامي بالثلج التي تكون -في بلاد الناس- بين الأصدقاء والخلطاء الذين يألفون المزاح والمباسطة، وبالثلج الهش الخفيف الذي لا يؤذي، فحولناها نحن همجية ووحشية وعدواناً على الرجل العاجز، والمرأة المسكينة، والفتاة المحتشمة، والمريض المتألم، حتى صارت شوارع الشام -أمسِ- كساحات القتال؛ لا يأمن المرء فيها على رأسه أن يشجه حجر ملبَّس بالثلج، ولا على ثيابه أن يصيبها الثلج المخلوط بالوحل وبالأقذار يؤخذ من أرض الشارع ويُرمى به الناس ...

ولقد شاهدت كتلة من الثلج فيها حجر ألقيت على الترام فكسرت النافذة وجرحت وجنة الراكب أمامها وأصابت ثلاثة بأذى، ورأيت جماعة من الشبان مرابطين في أول شارع خالد بن الوليد يكبسون الثلجي كتلاً ضخمة بحجم البطيخة وكلما مر مارٌّ ضربوه بواحدة منها ضرباً، ولقد رأيتهم ضربوا فتاة على ظهرها فانكفأت على وجهها فأقبل رجل ليرفعها فضربوه حتى وقع فوقها، وضرب شبابٌ سائقَ الترام فاضطرب حتى كاد أن يفلت منه المقود فيخرج عن الخط أو يصطدم بسيارة آتية أو بجدار قائم وتكون فاجعة!

<<  <   >  >>