ارتاع المسلمون في مشرق الأرض ومغربها لما سمعوا خبر تصدع بناء المسجد النبوي، وانطلقت صيحات أقلامهم حتى ملأت الجو وأيقظت النيام.
وحق للمسلمين أن يرتاعوا لانهيار قبر نبيهم، وأن يروا شد أركانه وإقامة بنيانه من آكد الواجبات عليهم، ولكن هل علم هؤلاء المسلمون أن صاحب هذا القبر لو كان حياً لارتاع لتصدع بناء الدين في القلوب، وانهيار صرح الأخلاق في الأمة، أكثر مما ارتاعوا لهذا الخبر؟
وإن انهدام مساجد الإسلام كلها حتى ما يبقى منها حجر على حجر أهون في نظر الإسلام نفسه من دخول الإلحاد على قلب شاب مؤمن أو وصول الأذى إلى عرض فتاة مسلمة. والإسلام لبث ثلاث عشرة سنة من غير جامع ولكنه لا يبقى ساعة بغير إيمان ولا أخلاق.
فكيف -إذن- يهتم المسلمون بأمر أعمدة الجامع ولا يهتمون بأن يحكموا بقوانين تخالف ما أنزل الله، وبأن تشيع الفاحشة بينهم وينتشر الإلحاد؟ ذلك لأن الناس قد بعدوا عن مفهوم الإسلام الحق وصاروا يبالون بالظواهر أكثر مما يبالون بالجواهر، ويحرصون على عمارة جدران المساجد وقبابها ومآذنها أكثر من حرصهم على عمارة المساجد بالعبادة