للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بقلم: حقوقي شرعي]

أستأذن الأستاذ علي الطنطاوي فأستعير عنوانه وزاويته لأكتب كلمة ليست للقراء كلهم بل هي لوزارة العدل وللقضاة والمحامين ورجال الفقه خاصة؛ أبين فيها أثراً صغيراً من آثار الارتجال الشنيع في وضع القانون المدني الذي جاءنا فجأة، كموت الفجأة، فحولنا من حاشية ابن عابدين وفتح القدير والكتاب والسنة إلى كتب الإفرنج وإلى قانون الرومان، وتم ذلك كله من غير درس ولا بحث ولا تدقيق، وهاكم هذا المثال الصغير:

نص قانون الأيتام عندنا على أن التركات تحرر في حالتين: تحرر وجوباً عند وجود قاصر أو غائب في الورثة، وتحرر جوازاً إذا كان الورثة كلهم بالغين وطلب أحدهم التحرير. وكذلك الحال في مصر. فلما صدر في مصر القانون المدني نصت المادة ٨٧٦ منه على أنه إذا طلبت تصفية التركات (أي تحريرها) تكلف المحكمةُ الورثةَ أن يتفقوا على مُصفٍّ، فإن لم يتفقوا عينت المحكمة مصفياً بعد سماع أقوالهم. فلم يفهم من هذه المادة في مصر إلا أنها متعلقة بالتصفية الجوازية. ولم يفهم من لفظ المحكمة إلا المحكمة الحسبية ذات الاختصاص التي يقابلها عندنا الشرعية.

فجاءت لجنة القانون المدني هنا فمحت كلمة «المحكمة» ووضعت محلها «قاضي الصلح» وتركت المادة على لفظها، وفعلت ذلك كراهية

<<  <   >  >>