للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[متى نثق بأنفسنا؟]

من أمد قريب زارني رجل كنت أعرفه مدير مدرسة أهلية، ومعه شاب غريب قابلني بأدب وتواضع وقال لي إنه الملحق الثقافي في المفوضية الإنكليزية، ليأخذ مني تصريحاً بأن الشيوعية مخالفة للإسلام. فأفهمته بأن الشيوعية والديموقراطية، والروس والإنكليز والأميركان كلهم عدو للإسلام.

وانصرف غير مسرور ...

وكلمني بعد ذلك بيوم رجلٌ كنت أعرفه في العراق معلمَ رسم، فقال بأن الملحق الصحافي الروسي يريد هو الآخر أن يزورني، فأخبرته أنه لا شأن لي به ولا بالآخرين، وأنهم كلهم عدو. وانصرف غير مسرور ...

وجعلت أفكر، أفكر في هذه الحال التي لا يمكن أن تصل إلى أسوأ منها أمة ذات كرامة واستقلال.

غدونا مثل الشحاذين الذين يمدون أيدهم ليتلقفوا كل ما يلقى فيها. والحكومة غافلة، والعلماء نائمون.

الحكومة لا تفتح عينيها لترى ما يصنع هؤلاء الناس، وكيفا يتصلون برجال منا: يزورني أحدهم أول مرة فيكون التعارف، ثم يدعوني فتكون المودة، ثم يتصل الود فتكون الصداقة، ثم أصير جاسوساً وأنا لا أشعر!

<<  <   >  >>