للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثورة الإيمان]

قرأت في برقيات أمس أن فرنسا قد عادت إلى طيشها وبطشها في الجزائر، وإلى بطولتها في اقتحام البيوت، وترويع النساء، واعتقال الأبرياء، وإيذاء المساكين ... ففرحت وأيقنت بقرب الخلاص ودنو الفرج.

ذلك لأن في أعماق نفوسنا -معشر العرب- بطولة عجيبة لا تظهرها إلا المحن الشداد، وكلما حاق بها الخطر صفا جوهرها وظهر معدنها. وهذه سورية سامها الفرنسيون الخسف بعد ميسلون، وحملوها على المكروه، فأرت الدنيا من البطولة والبذل ما سارت به البرد واهتزت الأسلاك، وكان حديث أهل الأرض يوم قمنا على فرنسا القوية المظفرة التي انتصرت على الألمان، ووقف لها عند جسر تورا حارس عامي منا اسمه حسن الخراط، فلم تستطع فرنسا بعددها وعتادها، ومدافعها ودباباتها، أن تجتاز النهر الذي عرضه خمسة أمتار إلا بعد ثلاثة عشر شهراً.

وما انفكت سوريا كلما أخمد الظلم بحديده وناره ثورة لها أشعل الإيمان أخرى. ما كلّت ولا ملّت ولا وَنَت، حتى جلا عنها آخر جندي فرنسي، وعاد لها حقها في الحرية والاستقلال.

وهذه الجزائر لا تزال تناضل وتصاول كأنما لم تحكمها فرنسا ولم تدأب أكثر من مئة سنة تسخر ذكاءها وعلمها وقوتها وحمقها لتقتل فيها

<<  <   >  >>