روح النضال، وتمحو من نفوسها حب الاستقلال. وستظل تجاهد حتى تنعم بالجلاء كما نعمت به ديار الشام، الجلاء الذي دفعنا ثمنه من دمائنا التي أرقناها على أرض هذا الوطن، ومهجنا التي بذلناها، وأموالنا التي أنفقناها، ونلناه بتضحيتنا وبطولاتنا، لا بفضل الإنكليز. إننا والإنكليز كقوم أنشؤوا عمارة وضعوا فيها جهدهم ومالهم، فلما قارب البناء الكمال، ولم يبق إلا حجر واحد، جاء رجل فوضع الحجر وقال: أنا أنشأت العمارة كلها! كلا، لا بفضل فئة منا، بل بفضل الله وعمل هذا الشعب.
أبشروا، فستستقل الجزائر ويتحرر المغرب كله، وتستنقذ فلسطين، وننجو من إنكلترا وأختها كما نجونا من فرنسا. وإن كان الإنكليز أشرّ وأدهى، لأن الفرنسيين بحمقهم وطيشهم يأتون كالثور الهائج فتغلق دونه الباب أو تستعد له، وهؤلاء يجيئون كالحية الناعمة المزخرفة التي تدخل من تحت اللحاف فتلدغك وأنت نائم.
كلهم عزرائيل، ولكن أولئك يهجمون بالسيف وهم يسبون ويشتمون، وهؤلاء يقتلون بالسم يقدم في قطعة شكلاتة. والله المستعان عليهم جميعاً.