للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[قاوموا هذه الأفلام]

ما كنت أدري -قبل اليوم- مبلغ ما تصنع هذه الأفلام بنفوس الشبان، وكنت إن أنا رأيتها (ونادر أن أراها ...) أنظر إليها بعين رجل جاز الأربعين من سنين، وبلغ ذروة العمر ثم هبط الجبل من الوجه الآخر، فلم يبق له من ميول الشباب إلا ما يبقى من زاد المسافر في آخر السفر، وخبت في أضلاعه تلك النار فلم تخلف إلا جمرات توشك أن تصير رماداً. فكنت أنكر منها أنها فقدت سنا الفن فاستبدلت به بريق الخلاعة، وأضاعت عقدة القصة، وقوة الإخراج، فوضعت مكانها هذا الغناء المخنث الذي يسمع في كل موقف، ورقص البطن الذي يظهر في كل مشهد، وهذا التهريج الذي لا تخلو منه رواية ولو كانت في زعم مخرجها ملحمة (دراما) لا يصلح لها إلا حوافز البطولة، أو مأساة (تراجيدي) لا يفيد فيها إلا دوافع الألم.

ولكني عرفت اليوم أن هذه الأفلام ليست كفراً بالفن وحده، ولا إلحاداً في الذوق فقط، ولكنها مدمرة للأخلاق، مفسدة للشباب، مضيعة للرجولة. عرفت ذلك من الحديث الذي كان يتهامس به تلميذان قعدا إلى جواري في الترام، تلميذان لا أحسبهما فارقا المدرسة الابتدائية، ولا أراهما بلغا مبلغ الرجال، كانت تمر على لسانيهما ألفاظ أرتجف أنا الرجل الكهل عند سماعها تومئ إلى معانٍ خبيثة ما كنت أظن البغايا القارحات يعرفنها، لا، ولا الفساق العتاق من رواد الحانات وقطان المواخير، ويصرحان خلال ذلك بأسماء فلانة وفلانة من الممثلات، ويعرّضان تعريضات نجسة مخيفة

<<  <   >  >>