للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مرحباً بالغارات

حدثني الأخ السيد عمر الحكيم، الأستاذ في كلية الآداب (وقد كان في ألمانيا أواخر الحرب الماضية، وفرّ منها مع ابنته قراراً يشبه خبرُه -على غرابته- الأساطير) قال:

"كانت تغير على برلين خمسة آلاف طيارة، تضربها ضرباً يزلزل الأرض، ويرج الجبال، حتى لكأن القيامة قد قامت، وجهنم قد فتحت أبوابها. فإذا فرغت أحمالها وصبّت رزاياها وانصرفت، سكتت مدافع الطيارات، وخرج الناس من الملاجئ، ودارت السيارات الحكومية تقرع الأجراس، ومعها صفائح كبيرة من الأخشاب والورق المقوى، ومسامير، فكل من هدم جداره، أو ضرب بيته، أخذ من هذه الصفائح، فجعل منها جداراً مكان الجدار الذي انهد، وبيتاً بدل البيت الذي سقط. فلا ينتهي من البناء حتى تعود الغارة ويعود الناس بعدها إلى العمل، ويتكرر ذلك مرات في اليوم ... ".

ونحن قد مرت بنا طيارة واحدة، ضربت الشام بخمس قنابل، فجزع الناس وفزعوا، وهرب منهم من هرب، فلم يعد يستطيع مقاماً.

فما الفرق بيننا وبينهم؟

<<  <   >  >>