للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأمة العاقلة لا تسرف]

روت الصحف أن أول ما صنعه جلال بايار بعدما صار رئيس الجمهورية التركية أن فض الموكب وصرف الحاشية، واستغنى عن تلك السيارات وذلك الحرس، واكتفى بسيارته تمضي به وحده؛ يحرسه عدله، وماضيه، ومنزلته في نفوس الناس.

وروى التاريخ أن عمر بن عبد العزيز لما بايعه الناس خليفة المشرق والمغرب، وسيد المملكة التي تحكم ما بين الصين وفرنسا، وخرج لينصرف، رأى المواكب الضخمة والمراكب عليها سرج الذهب والألوية والشارات، فقال: "ما لي ولهذا؟ نحّوه عني وقربوا لي بغلتي" ... وركب بغلته إلى داره (في موضع السميساطية) لا إلى الخضراء قصر الخلافة (١).

فما ضر جلالاً أن اكتفى بسيارة واحدة وهو رئيس؟ وما ضر عمر أن اقتصر على بغلته يركبها ويسير بها في طرق دمشق وحيداً، وهو الحاكم المطلق في تسع وعشرين دولة من دول اليوم، وهو الذي إن قال: لا، لم يكن على ظهر الأرض من يجرؤ على أن يقول: نعم، وإن قال: نعم، لم يقل بشر: لا!


(١) قصر معاوية وخلفائه في موضع القباقبية ومصبغة الخضراء اليوم.

<<  <   >  >>