يا أيها الناس، ألم تشعروا -بعدُ- أننا في حرب مع أعداء الله: اليهود؟ فهل سمعتم أن أمة تعيش الحرب كما كانت تعيش السلم؛ لا تدع شيئاً من لهوها ولعبها، وسرفها وترفها؟ هل سمعتم أن أمة تعطي مالها لعدوها، تعينه به على نفسها، وتشتري له به السلاح ليوجّهه إلى صدور أبنائها؟ فما لكم ما نقصتم شيئاً من لهوكم ولعبكم؟ ما لكم تعطون أموالكم عدوكم، تشترون بها ما لا ينفعكم ولا يفيدكم؟ لم لا تستغنون عن «الكماليات» لتشتروا بأثمانها السلاح؟ لم لا يبذل أغنياؤكم من حرّ أموالهم ما يهدون به الطيارات والدبابات والمدافع إلى جيش البلاد، فتسمى الطيارة أو الدبابة باسم مهديها، فتبقى له ذكراً وفخراً، وتكون له للآخرة ذخراً، وينال بها عند الله أجراً؟
إن أبا بكر تبرّع للجيش بماله كله، فقالوا له:"ماذا تركت لأهلك؟ "، فقال:"تركت لهم الله ورسوله". وعمر تبرع بنصف ماله، وعثمان أعطى الشيء الكثير، وما من الصحابة إلا من بذل وأعطى. وإن أغنياء الإنكليز اليوم والأمير كان يعطون الحكومة أكثر من نصف ما يدخل عليهم، فما لكم لا تقتدون بسلفكم الصالح، ولا تتشبهون بالقوم المتمدنين؟ أتقلدونهم في الرقص والشراب والاختلاط وما يشكون هم منه، ويتمنّون الإقلاع عنه، ولا تقلدونهم فيما ينفع ويفيد؟