للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجوعان وأمامه الأطباق فيها من أطايب الطعام من كل حلو وحامض وحار وبارد، فيعظه ألا يأكل منها، ثم لا يأتيه بغيرها.

كلا. إن الله ما حرم شيئاً إلا أحل شيئاً يغنى عنه ويقوم مقامه: منع الربا وأباح البيع، وحرم الزنا وأحل الزواج. فلماذا تريدون منا أن نخالف طبيعة الله التي طبع البشر عليها، وشريعته التي دل الناس عليها؟

كلا. إنه لا دواء إلا الزواج، الزواج. هذه هي الحقيقة، وأنا سأظل أعلنها وأكررها حتى يستجيب الناس إليها أو ينبري القلم في يدي أو تغلق «النصر» بابها دوني، وأرجو أن أكون في ذلك من المجاهدين وأن أمحو بذلك بعض ذنوبي وتفريطي في جنب الله.

ولقد بت أعتقد -بعدما تلقيت من كتب إخواننا الشبان في الرد على ما كتبته وما وجدت فيها من سوء الفهم ومن السب والشتم- أن كثيرين منهم لا يريدون الزواج ويؤثرون عليه هذه الحياة ... التي يتذوقون فيها لذة «الزواج!» ولا يحملون تكاليفه؛ فهم لذلك يحتجون بهذه الحجج الواهية التي تنطق بها شهواتهم لا عقولهم.

يقولون: السكن والنفقات وتكاليف الحياة الزوجية. وهذا (وإن وجب علاجه وإصلاحه) لا يمنع من الزواج. وكل شاب يجد بنتاً ترضى به بشرط أن يراعي الكفاءة، ويفتش عن الموافقة في المشرب وفي الغنى وفي المكانة الاجتماعية. فمن كان لا يجد إلا مئة ليرة في الشهر، يستطع أن يخطب بنت رجل من طبقته يعيش بمئة ليرة في الشهر فترضى به وتألف عيشه لأنه مثل عيشها في دار أبيها، ومن كان يسكن غرفة بالكراء عند جيران طلب بنت أسرة تعيش عند جيران في غرفة بالكراء، ومهما بلغ من فقر الشاب يستطيع -إذا صدق الطلب- أن يتزوج بنت رجل فقير مثله. ولكن أكثر

<<  <   >  >>