فأقول انصرفت لا ردت، وأحاول المنام فتعاود التحويم والطنين، واستمرت على ذلك الليل أكثره إلى مطلع الفجر، فكدت أعتذر من صاحب الجريدة، وأدع الكتابة اليوم، ثم قلت: لماذا لا أصف حالي مع البعوضة، فأكون قد دخلت في موضوعي وأنا لا أشعر؟ وإذا كانت بعوضة واحدة قد طردت النوم عني، وسهدت عيني، فكيف لعمري ننام ويهود في فلسطين، لا تزال تطن إذاعتها في آذاننا؟
هذا هو الموضوع.
...
قلت أمس في خطبة الجمعة التي أذاعتها محطة دمشق أننا في حرب، أن كل دولة عربية في حرب، ما بقي في فلسطين يهودي واحد، وأننا قد خسرنا الجولة الأولى. نقول ذلك بلسان الرياضي الذي ينهزم ولكنه يعلم أن أمامه جولات، وأن عزمه لمتين وأن عضلاته لقوية، وأن الظفر في يديه. ونحن نرحب بالحرب، فنحن بنو الحرب، ونحن رجال الجلاد، ونحن لا نخشى الغارات ولا تطير قلوبنا شعاعاً عند أول قنبلة تلقى، ولكنا لا نريد -مع ذلك- أن نتلقى الضربات تلقّي الغنم ضربة الذئب.
إن علينا أن نعد وأن نستعد. وإني أجمل هنا المنهج الذي أراه، لعلي أعود إليه -بعدُ- بالتفصيل والبيان.
يجب -أولاً- أن توضع الموازنة على أسلوب جديد، فتمحى منها كل نفقة يستغنى عنها، ويلغى كل مصرف لا ضرورة إليه، ولا لزوم له، ويشترى بذلك كله السلاح والعتاد.
ويجب -ثانياً- أن يكون عند كل مدرسة ملجأ يعلم الطلاب سبيل