الذنب ... وآخر لا طعم له، كأنه النكتة الباردة يستوقفك ثقيل وأنت مستعجل ليقصها عليك ... من كل ما يشرب شرباً، أو يبلع بلعاً، أو يدهن دهناً، أو يحقن حقناً تحت الجلد، أو خلال العضل، أو وسط الوريد. غير أن الصيدلاني يحفظ أدويته في الخزائن ليأخذ بها فلوس الناس، وأنا أحفظها كلها في جسدي فآخذ منها سمومها وأعطي الناس بها فلوسي!
وأقبلت على كتب الصحة أعبّ منها وأبتغي بها الوقاية من المرض، فكنت أبحث عن القيمة الغذائية لكل طعام ما فيه من «الزلال» ومن الدهن ومن النشاء، وجمعت جداول الغذاء الكامل، وإحصاء «الفيتامينات» بألفها وبائها وجيمها ودالها، وأحمل قوارير المطهرات في جيبي، فإن صافحت أحداً أو مسست نقداً أو وضعت يدي على حديد الترام أو على حلقة الباب طهرت يدي، ولا أشرب بكأس ولا آكل بملعقة حتى أغسلها ثلاثاً بالصابون، ولا أصيب من الفاكهة حتى أغطها بماء البرمنغنات!
فما استفدت من كتب الصحة، ومن أدوية الأطباء، إلّا أني وقعت في الوسواس، وهو أخبث ما يعتري الناس من الأدواء، واجتمعت علي -في وهمي- الأمراض التي لا يمكن اجتماعها، فكتبتها في صحيفة وجعلت أغدو بها على الأطباء، فيضحك بعضٌ مني، ويعرض بعضٌ عني، ويصف لي الأكثرون الأدوية والعقاقير. وما نفعني من ذلك شيء ولا نفى الوهم عني ولا ردّ الصحة إليّ، إلا دواء واحد رخيص ميسور هو ...
إن كنتم لم تحزروه فسأقول لكم غداً -إن شاء الله- ما هو (١).
...
(١) لم أعثر -للأسف- على القطعة المكملة لهذه المقالة (مجاهد).