فصرّت وجهها وقلبته حتى صار الناظر إليها يحسبها شربت كوباً من زيت الخروع وقالت بلهجة عريف (شاويش) رفع إلى الرتبة حديثاً: بس! اعمل معروف!! وتلفتت نحو الشارع فكأن المسألة قد انتهت.
فأخرجت ساعتي وقلت لها: معك دقيقة واحدة يا آنسة. إمّا أن تنزلي رجلك وإما أن ... أن أعمل ما أراه لازماً.
ففكرت لحظة، ووقف الترام، فنزلت وأنزلت معها رجلها!
فيا سيداتي ويا آنساتي، هل سمعتن القصة؟ فما قولكن؟
أما أنا فلم أطلب إليها أن تنزل، وإنما طلبت منها، وأطلب من «المرأة» أن تحترمني لتضطرني إلى احترامها، وأن تظهر لي لطفها (ولا أقول ضعفها) لئلا أبدي لها قوتي وبطشي فأثير شكواها، وأن لا تزيد في استغلال رعايتي إياها لئلا أدع رعايتها. أفليس هذا الطلب حقاً؟
وأن تُفهمنني كيف تطلبن المساواة بنا ثم تتعالين علينا؟ ولماذا أنزل للمرأة في الترام عن مقعدي ولا تنزل لي عن مقعدها؟ ولماذا تضع حذاءها على ثيابي ولا أضع حذائي على ثيابها؟ وأين -بعد ذلك- تكون هذه «المساواة» بيني وبينها؟