إنها «موضة» انصرف عنها أصحابها ومذهب خالفه أهله. إنها كانت «موضة» القرن التاسع عشر، وقد ذهبت بذهاب أهله، وصار يقسم العالم اليوم المذهب لا القومية. إن في العالم شيوعية وديموقراطية، تضم كل منهما من القوميات الكثير؛ تذوب فيها، وتكون تبعاً لها.
والإسلام جاء بمثل هذه الرابطة من ألف وأربعمئة سنة، فكان ذلك من جملة معجزات الإسلام.
وفرنسا وألمانيا، العدوان اللدودان، ومصدر الدعوة القومية ومظهرها في أيامها، تقاربتا وتصالحتا، وهما على أبواب الوحدة الأوربية والسوق المشتركة. ونحن ندعو إلى القوميات؟
إننا نعد ثياب الشتاء لنلبسها وقد ولى الشتاء وحل الربيع. إننا نتهيأ للذهاب إلى المحطة وقد سافر القطار. إننا لا نوافق الإسلام ولا نساير ركب الحضارة.
كلا يا سيدي. لا نؤمن بالقومية العربية، ولا الكردية، ولا التركية، ولا ندعو بأي دعوة عصبية جاهلية، ولكن نؤمن بالإسلام وأخوّة الإسلام.
ولا نستطيع أن ندخل جهنم ليرضى عنا هؤلاء الذين ناموا لمّا أدلج الناس، ثم جاؤوا متأخرين، يدّعون أنهم تقدميون وهم في الحقيقة رجعيون؛ يريدون أن نرجع إلى عهد القوميات بعدما ذهبت القوميات، وولى عهدها، وصارت خبراً من أخبار التاريخ.
كلا. إننا لا نسمع إلا كلام ربنا، وبيان نبينا، ولا نقول بما يخالف الإسلام ... ولو غضب من غضب وثار من ثار: {وقُل الحَقُّ مِن ربِّكُمْ فَمَنْ