خرجتْهُ قريحةٌ بلغ من قوتها أنها نسجت هذا الشعر من غير أن يستعين صاحبها بشيء من سخافات أهل النحو والصرف والبيان والبديع والعروض، ولم يتقيد بشيء من ذلك، بل انطلق يحلق كالغراب في سماء الأدب حراً من كل قيد .. بل إنه لم يربط نفسه بهذا العرف القبيح، فكتب في ذيل كتابه «مخدومكم» ولم يقل «خادمكم» مثلاً؛ لأنه يشير بذلك إلى قولهم:"سيد القوم خادمهم".
أما هذا الكتاب فهذا هو بفصه وفصه، أرسلته إلى «الأيام» بخط صاحبه حفظه الله، وأرجو أن تحتفظ به لتُطلع عليه من يشك في الأمر، ويظن أني قد نظمت أنا هذه القصيدة ... البحترية ... وصغتها في مدح نفسي.
وهذا هو الكتاب:
أستاذي حزت على العلوم وبحرها ... يا من ضياؤك كالقنديل في الظلم
ولقد خلقت لحبك ولمدحك ... من قبل خلق الله طينة آدم
عجبت بك يا أستاذي عجباً ... بشجاعة وهمة فاقت على الهمم
عجبت بأخلاقك التي فاقت ... أدباً فصاحبها العلم والعلم
عجبت بعقلك وبلطفك عجباً ... عجباً يعجب العجاب في الفهم
من قبل خلقي حبك قد حل في ... قلبي وروحي والضلوع والدم
يا سيداً يا سائداً في فعلك ... يا حائزاً خلقاً وعلم عوالم
أهديك روحي ثم قلبي وما ... ملكت من الشعر الجميل والمفخم