مولود ... كل ذلك مرده للمختار. ومِن المختارين مَن يتحكم في حيه تحكم الجبارين، ويشاركهم في مهر المخطوبة وثمن البيت، ليضع لهم خاتمه الكريم، ومنهم من هو في وظيفته هذه من أن ربعين سنة، لا يُنقل ولا يُعزل ولا يُبدّل.
أما حوادث المختارين فكثيرة، كثيرة، كثيرة. لا تتسع لها عشرٌ من هذه الكلمات. وآخرها ما صنعه مختار حي من الأحياء، فقد جاءته امرأة وخبّرته أن زوجها قد مات وهي ترجو أن يشهد لها، فحوقل واسترجع وأخذ المبلغ، وكتب لها. وأخذت الشهادة إلى الشرطة فصادقت على صحتها، ودارت بها حتى وصلت إلى النفوس، فسجل الموظف وفاة عزيزة بنت فلان. قالت:"أنا عزيزة، وأنا لم أمت، وإنما مات زوجي". قال:"كذابة؛ الميت عزيزة". قالت:"أنا عزيزة". قال:"هل أصدقك وأكذب شهادة المختار وتحقيقات الشرطة؟ ".
وذهبت المسكينة (تمشي) من مكان إلى آخر، لتثبت أنها ليست هي الميتة ولكن الميت زوجها، وذلك لأن المختار كتب اسمها في شهادة الوفاة، والشرطة قد صدقت على الشهادة!
...
إنه إن لم يكن بدٌّ من نظام المختارين فليكونوا شبه موظفين، وليكن لهم مِلاك، وليوضع لهم نظام يبين أعمالهم، ويحدد أجورهم، ويوضح تبعاتهم، ويسهّل ملاحقتهم. أما هذا النظام الحاضر فمن العار على سورية أن يبقى فيها سنة ١٩٥١.