للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن بطَّال (١): "أعْلَمَ - صلّى الله عليه وسلم - أن أمَّته ستَتَّبِع المُحدثات من الأمور والبدع والأهواء؛ كما وقع للأمم قبلَهم، وقد أنذر في أحاديث كثيرة بأن الآخر شرٌّ، والساعة لا تقوم إِلَّا على شرار النَّاس، وأن الدين إنّما يبقى قائمًا عند خاصَّةٍ مِن النَّاس" (٢).

وقال ابن حجر: "وقد وقع معظم ما أنذر به - صلّى الله عليه وسلم -، وسيقع بقيَّة ذلك" (٣).

وفي هذا الزمن كثر في المسلمين مَنْ يتشبَّه بالكفارة من شرقبين وغرببين، فتشبَّه رجالنا برجالهم، ونساؤنا بنسائهم، وافتتنوا بهم، حتّى أدى الأمر ببعض النَّاس أن خرجوا عن الإسلام، واعتقدوا أنّه لا يتمُّ لهم تقدُّم وحضارة إِلَّا بنبذ كتاب الله وسنة نبيه - صلّى الله عليه وسلم -، ومَن عرف الإسلام الصّحيح؛ عرف ما وصل إليه المسلمون في القرون الأخيرة، من بُعْدٍ عن تعاليم الإسلام، وانحرافٍ عن عقيدته، فلم يبقَ عندَ بعضهم من الإسلام إِلَّا اسمه، فقد حكموا قوانين الكفار، وابتعدوا عن شريعة الله، وليس هناك أبلغ ممّا وصف به النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - المسلمين في اتِّباعهم ومحاكاتهم للكفار، فقال: "شبرًا بشبرٍ، وذراعًا بذراعٍ، حتّى لو دَخَلوا جًحْرَ ضبٍّ


(١) هو أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطَّال القرطبي، روى عن أبي المطرِّف القنازعي، ويونس بن عبد الله القاضي، وله شرح على "صحيح البخاريّ"، توفي في صفر سنة (٤٤٩ هـ)، رحمه الله.
انظر ترجمته في: "شذرات الذهب" (٣/ ٢٨٣)، و"الأعلام" (٤/ ٢٨٥) للزركلي.
(٢) و (٣) "فتح الباري" (١٣/ ٣٠١ - مع الفتح).

<<  <   >  >>