الّتي نصَّ عليها رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -؛ كموقعة صفين، وظهور الخوارج، وسأتكلم بإيجاز عن بعض الفتن العظيمة الّتي كانت سببًا في تفريق المسلمين، وظهور الشرَّ العظيم.
[ب - مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه]
لقد كان ظهور الفتن في عهد الصّحابة رضي الله عنهم بعد مقتل أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه؛ فإنّه كان بابًا مغلقًا دون الفتن، فلما قُتِلَ رضي الله عنه، ظهرت الفتن العظيمة، وظهر دُعاتُها ممَّن لم يتمكَّن الإِيمان من قلبه، وممَّن كان من المنافقين الذين يُظْهِرون للناس الخير، ويُبْطِنون الشر والكيد لهذا الدين.
ففي "الصحيحين" عن حُذيفة رضي الله عنه أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه؛ قال: أيكم يحفظ قول رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - في الفتنة؟ فقال حذيفة: أنا أحفظ كما قال. قال: هاتِ؛ إنك لجريء. قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "فتنةُ الرَّجل في أهله وماله وجاره تكفِّرها الصّلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". قال: ليست هذه، ولكن الّتي تموجُ كموجِ البحر. قال: يا أمير المؤمنين! لا بأس عليك منها، إن بينك وبينها بابًا مغلقًا. قال: يُفتح الباب أو يُكْسر؟ قال: لا، بل يُكْسَر. قال: ذلك أحرى أن لا يغلق. قلنا: عُلِمَ الباب؟ قال: نعم؛ كما أن دون غَدٍ اللَّيلة، إنِّي حدثتُه حديثًا ليس بالأغاليط. فهبنا أن نسأله، وأمرنا مسروقًا، فسأله، فقال: مَنْ الباب؟ قال: عمر (١).
(١) "صحيح البخاريّ"، كتاب المناقب، باب علامات النبوة، (٦/ ٦٠٣ - ٦٠٤ =