للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على يدي الحبشة، وظهور الريح الّتي تقبض أرواح المؤمنين.

ومما ينبغي أن يُعْلَمَ أَنَّ كثيرًا من أشراط الساعه قد ظهرت مباديها من عهد الصّحابة رضي الله عنهم، وهي في ازدياد، ثمّ صارت تكثر في بعض الأماكن دون بعض، والذي يعقبه قيام السّاعة هو استحكام ذلك، فيكون مثلًا قبض العلم لا يقابله إِلَّا الجهل الصّرف، ولا يمنع من ذلك وجود طائفة من أهل العلم؛ لأنّهم يكونون حينئذ مغمورين في أهل الجهل، وقس عليه غيره من أشراط السّاعة (١).

وممَّا ينبغي التنبيه عليه أيضًا أن بعض النَّاس يفهم من كونِ الشيء من أشراط السّاعة أنّه محذورٌ وممنوعٌ، وهذه القاعدةُ غير مسلَّمة، فإنّه ليس كلُّ ما أخبر - صلّى الله عليه وسلم - بكونه من علامات السّاعة يكون محرَّمًا أو مذمومًا، فإن تطاوُلَ الرعاء في البنيان، وفشوَّ المال، وكون خمسين امرأة لهنَّ قيَمٌ واحد ليس بحرام بلا شك، وإنّما هذه علامات، والعلّامة لا يشترط فيها شيء من ذلك، بل تكون بالخير والشر، والمباح، والمحرَّم، والواجب، وغيره، والله أعلم (٢).

والآن حان الشروع في ذكر أشراط السّاعة الصغرى، وهي كما يلي:

١ - بعثة النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -:

أخبر - صلّى الله عليه وسلم - أن بعثتَهُ دليلٌ على قرب قيام السّاعة، وأنّه نبيُّ السّاعة:


(١) انظر: "فتح الباري" (١٣/ ١٦).
وسيأتي بيان ذلك مفصلًا في الكلام على قبض العلم وظهور الجهل.
(٢) "شرح النووي لمسلم" (١/ ١٥٩).

<<  <   >  >>