للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويؤِّيد ذلك كون آخر مَنْ يُحْشَر يكون منها؛ كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "وآخر مَنْ يُحْشَر راعيان من مزينة، يريدان المدينة، يَنْعِقان بغنمهما، فيجدأنّها وحشا" (١)؛ أي: خالية من النَّاس، أو أن الوحوش قد سكنتها، والله أعلم.

٥٦ - بعث الريح الطِّيبة لقبض أرواح المؤمنين:

ومنها هبوب الريح الطيبة لقبض أرواح المؤمنين، فلا يبقى على ظهر الأرض مَنْ يقول: الله، الله. ويبقى شرار النَّاس، وعليهم تقوم السّاعة.

وقل! جاء في صفة هم هذه الريح أنّها أبين من الحرير، ولعلّ ذلك من إكرام الله لعباده المؤمنين في ذلك الزّمان المليء بالفتن والشرور.

جاء في حديث النوَّاس بن سمعان الطويل في قصة الدَّجَّال ونزول عيسى -عليه السّلام- وخروج يأجوج ومأجوج: "إذ بعث الله ريحًا طيبة، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كلّ مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار النَّاس؛ يتهارجون فيها تهارُجَ الحُمُر، فعليهم تقوم السّاعة" (٢).

وروى مسلمٌ عن عبيد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "يخرج الدَّجَّال ... (فذكر الحديث، وفيه:) فيبعث الله عيسى بن مريم كأنّه عروة بن مسعود، فيطلبه، فيُهْلِكُهُ، ثمّ يمكث النَّاس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة، ثمّ يرسل الله ريحًا باردة مِن قِبَل الشّام،


(١) "صحيح البخاريّ"، كتاب فضائل المدينة، باب من رغب عن المدينة، (٤/ ٨٩ - ٩٠ - مع الفتح).
(٢) "صحيح مسلم"، بال ذكر الدجال، (١٨/ ٧٠ - مع شرح النووي).

<<  <   >  >>