للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خبره بين النَّاس، وشاع أنّه الدَّجّال؛ كما سيأتي في ذكر امتحان النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -

امتحان النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - له:

لما شاع بين النَّاس أمر ابن صيَّاد، وأنّه هو الدَّجَّال؛ أراد النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أن يطَّلعَ على أمره، ويتبيَّنَ حالَه، فكان يذهب إليه مختفيًا حتّى لا يشعر به ابن صياد؛ رجاء أن يسمع منه شيئًا، وكان يوجِّه إليه بعض الأسئلة الّتي تكشف عن حقيقته.

ففي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن عمر انطلق مع النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - في رهط قِبَل ابن صياد، حتّى وجدوه يلعب مع الصبيان عند أُطُم (١) بن مَغالة (٢)، وقد قارب ابن صياد الحلم، فلم يشعر حتّى ضرب النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - بيده، ثمَّ قال لابن صيَّاد: "أتشهد أني رسول الله؟ ". فنظر إليه ابن صياد، فقال: أشهد أنك رسول الأميين. فقال ابن صيَّاد للنبي- صلّى الله عليه وسلم -: أتشهد أني رسول الله؟ فرفضه، وقال: "آمنت بالله وبرسله". فقال له: "ما ترى؟ ". قال ابن صياد: يأتيني صادق وكاذب. فقال النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "خلط عليك الأمر". ثمَّ قال له النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "إنِّي خبأت لك خبيئًا؟ ". فقال ابن صياد: هو الدُّخ (٣). فقال: "اخسأ فلن تعدو قدرك". فقال عمر رضي الله


(١) (أطم)؛ بضمتين: بناء مرتفع كالحصن، وجمعه آطام.
انظر: "النهاية في غريب الحديث" (١/ ٥٤)، و"فتح الباري" (٣/ ٢٢٠).
(٢) (مغالة): بفتح الميم والمعجمة الخفيفة: بطن من الأنصار.
"فتح الباري" (٣/ ٢٢٠).
(٣) يريد الدخان لكنه قطمها على طريقة الكهان، كما سيأتي بيان ذلك.

<<  <   >  >>