للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤٥ - وقوع التناكر بين النَّاس:

عن حُذيفة رضي الله عنه، قال: سُئل رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - عن السّاعة؟ فقال: "علمها عند ربي، لا يجلِّيها لوقتِها إِلًّا هُو، ولكن أخبرُكُم بمشاريطها، وما يكون بين يديها، إن بين يديها فتنة وهَرْجًا". قالوا: يا رسول الله! الفتنةُ قد عرفناها، فالهرج ما هو؟ قال: "بلسان الحبشة: القتل. ويُلْقَى بين النَّاس التَّناكر، فلا يكاد أحدٌ أن يعرف أحدًا" (١).

فوقوع التناكر عند كثرة الفتن والمحن وكثرة القتال بين النَّاس، وحينما تستولي المادة على النَّاس، ويعمل كلّ منهم لحظوظ نفسه؛ غير مكترث بمصالح الآخرين، ولا بحقوقهم، فتنتشر الأنانية البغيضة، ويحيى الإِنسان في نطاق أهوائه وشهواته، فلا تكون هناك قيمٌ أخلاقيَّة يعرِف بعض النَّاس بها بعضًا، ولا يكون هناك من الأخوَّة الإِيمانية ما يجعلهم يلتقون على الحبِّ في الله، والتعاون على البرّ والتقوى.

روى الطبراني عن محمّد بن سوقة؛ قال: "أتيتُ نُعيم بن أبي هند، فأخرج إليَّ صحيفة، فإذا فيها: من أبي عُبيدة بن الجرّاح ومعاذ بن جبل إلى عمر بن الخطّاب: سلام عليك ... (فذكر الكتاب، وفيه:) وإنا كنا نتحدث أن أمر هذه الأمة في آخر زمأنّها سيرجِعُ إلى أن يكونوا إخوان العلّانيّة أعداء السرية ... (ثمّ ذكر جواب عمر رضي الله عنه لهما، وفيه:) وكتبتما تحذِّراني أن أمر هذه الأمة سيرجع في آخر زمانها إلى أن يكونوا


(١) "مسند الإمام أحمد" (٥/ ٣٨٩ - بهامشه منتخب كنز العمال).
قال الهيثمي: "رواه أحمد، ورجاله رجال الصّحيح". "مجمع الزوائد" (٧/ ٣٠٩)

<<  <   >  >>