للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإِخبار عن هلاكه، ما يدلُّ دِلالة قاطعة على أنّه شخصٌ بعينه.

* خوارق الدَّجّال أمورٌ حقيقة:

مضى ذكر بعض الخوارق الّتي تكون مع الدَّجّال في الكلام على فتنته، ولهذه الخوارق حقيقية، وليست بخيالات وتمويهات؛ كما ادَّعى ذلك بعض العلماء:

فقد نقل ابن كثير عن ابن حزم والطحاوي أنّهما يقولان بأن ما مع الدجَّال ليس له حقيقة.

وكذلك نقل عن أبي عليٍّ الجبائي (١) شيخ المعتزلة قوله: "لا يجوز أن يكون كذلك حقيقة؛ لئلا يُشبَّه خارق الساحر بخارق النّبيّ" (٢).

ثمَّ جاء من بعدهم الشّيخ رشيد رضا، فأنكر أن يكون مع الدَّجّال خوارق، وزعم أن ذلك مخالفٌ لسنن الله تعالى في خلقه، فقال في الكلام على أحاديث الدَّجَّال: "ما ذُكِرَ فيها من الخوارق تضاهي أكبر الآيات الّتي أيَّد الله بها أولي العزم من المرسلين، أو تفوقها، وتعدُّ شبهة عليها؛ كما قال بعض علماء الكلام، وعد بعض المحدثين ذلك من بدعتهم، ومن المعلوم أن الله ما آتاهُم هذه الآيات إِلَّا لهداية خلقه الّتي هي مقتضى سبق رحمته لغضبه، فكيف يؤتى الدَّجّال أكبر الخوارق لفتنة السواد الأعظم من عباده؟! فإن من تلك الروايات أنّه يظهر على الأرض كلها في أربعين يومًا


(١) هو محمَّد بن عبد الوهّاب بن سلام البصري، توفي سنة (٣٠٣ هـ).
انظر ترجمته في: "شذرات الذهب" (٢/ ٢٤١)، و"الأعلام" (٦/ ٢٥٦).
(٢) "النهاية/ الفتن والملاحم" (١/ ١٢٠)، تحقيق د - طه الزيني.

<<  <   >  >>