للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلَّا مكّة والمدينة" ...

إلى أن قال: "إن ما عُزِيَ إليه من الخوارق مخالفٌ لسنن الله تعالى في خلقه، وقد ثبت بنصموص القرآن القطعية أنّه لا تبديل لسنَّته تعالى ولا تحويل، ولهذه الروايات المضطربة المتعارضة لا تصلح لتخصيص هذه النصوص القطعية ولا لمعارضتها" (١).

واستشهد على تعارُض أحاديث الدَّجّال بأنّه ورد في بعض الروايات -كما سبق- أن معه جبال الخبز وأنّهار الماء والعسل، وأن معه جنة ونارًا ... إلى غير ذلك، ولهذا يتعارض مع الحديث الّذي في الصحيحين عن المغيرة بن شعبة؛ قال: ما سأل أحدٌ النبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - عن الدَّجّال ما سألتُه، وإنه قال لي: "ما يضرُّك منه؟ قلتُ: لأنّهم يقولون إن معه جبلُ خبزٍ، ونهرُ ماء. قال: بل هو أهون على الله من ذلك" (٢).

وممَّن أنكر خوارق الدجِّال أبو عبية، فقد قال في تعليقه على الأحاديث الواردة في ذلك: "هل يقف أمام هذه الفتنة العظيمة الكثرة الكاثرة من النَّاس؟! يميت ثمَّ يحيي على ملأ ومسمع من البشر، ثمَّ يكب الله العباد في جهنَّم لأنّهم افتتنوا به!! إن الله عزَّ وجلَّ ألطف بعباده وأرحم لهم من أن يسلِّط عليهم مثل هذا البلاء، الّذي لا يستطيع الوقوف له إِلَّا مَنْ رُزِقَ حظًّا غير محدود من ثبات الإِيمان وقوَّة العقيدة، وإن الدَّجَّال -أي


(١) "تفسير المناوي" (٩/ ٤٩٠).
(٢) "صحيح البخاريّ"، كتاب الفتن، باب ذكر الدجال، (١٣/ ٨٩ - مع شرح الفتح)، و"صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، باب ذكر الدجَّال، (١٨/ ٧٤ - مع شرح النوويّ).

<<  <   >  >>