للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خروجه، ولا من حيث زمان ظهوره؛ لم يكن هناك ما يدعو إلى ما ذهبا إليه، لا سيما مع ما جاء من صفاته الّتي نبَّهَت عليها الأحاديث، والتي تدلُّ دون ارتكاب تجوُّز لا داعي له على أنّه شخصٌ حقيقة.

وأيضًا؛ فأبو عبية متناقضٌ في تعليقاته على الأحاديث الواردة في الدَّجّال في كتاب "الفتن والملاحم" لابن كثير؛ فإنَّه يعلَّق على قول النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "إنّه مكتوبٌ بين عينيه (كافر)؛ يقرؤه مَنْ كره عمله، أو يقرؤه كلّ مؤمن". وقوله: "تعلَّموا أنّه لن يرى أحدٌ منكم ربَّه حتّى يموت".

يقول أبو عبية: "وهذا يقرِّر كذب الدَّجّال في دعواه الرُّبوبية قبَّحَهُ الله، وأتمَّ عليه غضبه ولعنه" (١).

فهو هنا يرى أن الدَّجَّال إنسان حقيقة، يَدَّعي الرُّبوبية، ويدعو عليه بالغضب واللعنة، وفي موضع آخر ينفي أن يكون هناك دجّال على الحقيقة، و إنّما هو رمزٌ للشَّرِّ والفتنة!!

ولا شك أن هذا تناقضٌ واضحٌ منه.

وأرجو أن لا ينطبق على هؤلاء المنكرين لظهور الدَّجّال قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "إنّه سيكون من بعدكم قومٌ يكذِّبون بالرجم، وبالدَّجّال، وبالشفاعة، وبعذاب القبر، وبقوم يخرجون من النّار بعد ما امتحشوا" (٢).

وسيأتي في الكلام على خوارق الدَّجَّال، والأمر بالتعوُّذ من فتنته،


(١) "النهاية/ الفتن والملاحم" (١/ ٨٩).
(٢) "مسند أحمد" (١/ ٢٢٣) (ح ١٥٧)، تحقيق أحمد شاكر، وقال: "إسناده صحيح".

<<  <   >  >>