للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباطل، وليس رجلًا من بني آدم، ولهذا التّأويل صرفٌ للأحاديث عن ظاهرها بدون قرينةٍ!!

وإليك ما قاله الشّيخ أبو عبيَّة في تعليقه على أحاديث الدَّجَّال؛ قال: "اختلاف ما رُوِي من الأحاديث في مكان ظهور الدَّجَّال، وزمان ظهوره، وهل هو ابن صيّاد أم غيره؟ يشير إلى أن المقصود بالدَّجَّال الرمز إلى الشر، واستعلائه، وصولة جبروته، واستشراء خطره، واستفحال ضرره في بعض الأزمنة، وتطاير أذاه في كثير من الأمكنة، بما يتيسَّر له من وسائل التمكُّن والانتشار والفتنة بعض الوقت، إلى أن تنطفىء جذوته، وتموت جمرته بسلطان الحق، وكلمة الله: {إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراءِ: ٨١] " (١).

ويقول أيضًا: "أليس الأولى أن يُفْهَم من الدَّجَّال أنّه رمز الشر والبهتان والإِفك ... " إلخ (٢).

ونرد على هذه الأقوال بأن الأحاديث صريحة في أن الدَّجَّال رجل بعينه، وليس هناك ما يدلُّ على أنَّه رمز للخرافات والدَّجَل والباطل، وليس في الروايات اختلاف ولا تعارض، وقد سبق الجمع بينها، فبيَّنت أن أول ما يخرج الدَّجّال من أصبهان من جهة خراسان -وكلها في جهة المشرق-، وبيَّنتُ ما قيل عن ابن صياد هل هو الدَّجَّال أم غيره؟ وذكرتُ أقوال العلماء في ذلك.

وإذا تبيَّنَ لهذا، وأن الروايات ليس فيها اضطراب؛ لا من حيث مكان


(١) "النهاية/ الفتن والملاحم" (١/ ١١٨ - ١١٩)، تحقيق الشّيخ محمَّد فهيم أبو عبية.
(٢) "النهاية/ الفتن والملاحم" (١/ ١٥٢).

<<  <   >  >>