للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المستعصم آخر خلفائهم على أيديهم في سنة ستٍّ وخمسين وست مئة، ثمّ لم تزل بقاياهم يُخْرِبون إلى أن كان آخرهم (اللنك)، ومعناه: الأعرج، واسمه (تَمُر)؛ بفتح المثناة، وضم الميم، وربما أُشْبِعت، فطرق الديار الشامية، وعاش فيها، وحرق دمشق حتّى صارت على عروشها، ودخل الروم والهند وما بين ذلك، وطالت مدَّته إلى أن أخذه الله، وتفرق بنوه في البلاد.

وظهر بجميع ما أوردته مصداق قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "إن بني قنطوراء أول من سلب أمَّتي ملكهم" ... وكأنّه يريد بقوله: "أمَّتي" أمة النسب، لا أمة الدّعوة؛ يعني: العرب، والله أعلم" (١).

وعلى هذا يكون التتار الذين ظهروا في القرن السابع الهجري هم من الترك؛ فإن الصفات الّتي جاءت في وصف الترك تنطبق على التَّتار (المغول)، وقد كان ظهورهم في زمن الإمام النووي رحمه الله (٢)، فقال فيهم: "قد وجد قتال هؤلاء الترك بجميع صفاتهم الّتي ذكرها - صلّى الله عليه وسلم -: صغار الأعين، حمر الوجوه، ذُلُفُ الأنف، عراض الوجوه، كأن وجوههم المَجانُّ المُطْرَقَة، ينتعلون الشعر، فوُجِدوا بهذه الصفات كلها في زماننا، وقاتلهم المسلمون مرَّات، وقتالهم الآن" (٣).


(١) "فتح الباري" (٦/ ٦٠٩ - ٦١٠).
(٢) كانت ولادة الإمام النووي سنة (٦٣١ هـ)، ووفاته سنة (٦٧٦ هـ)، وهي الفترة الّتي ظهر فيها التَّتار، وقضوا على الخلافة العباسية. انظر: "تذكرة الحفاظ" (٤/ ١٤٧١ - ١٤٧٣).
(٣) "شرح النووي لمسلم" (١٨/ ٣٧ - ٣٨).

<<  <   >  >>