للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورحم الله عمر؛ فإن النَّاس لم يأخذوا بوصيَّته، ولم يقتصروا على التحمير والتصفير، بل تعدَّوا ذلك إلى نقش المساجد كما يُنْقَشُ الثّوب، وتباهى الملوك والخلفاء في بناء المساجد، وتزويقها، حتّى أتوا في ذلك بالعجب، ولا زالت هذه المساجد قائمةٌ حتّى الآن؛ كما في الشّام ومصر وبلاد المغرب والأندلس وغيرها، وحتى الآن لا يزال المسلمون يتباهَوْن في زخرفة المساجد.

ولا شكَّ أن زخرفة المساجد علامة على التَّرف والتبذير، وعمارتها إنّما تكون بالطاعة والذكر فيها، ويكفي النَّاس ما يُكِنُّهُم مِن الحرِّ والقرِّ والمطر.

وقد جاء الوعيد بالدَّمار إذا زُخْرِفَتِ المساجد، وحُلِّيتِ المصاحف، فقد روى الحكيم التّرمذيّ عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: "إذا زَوَّقْتُم مساجدكم، وحلَّيتُم مصاحفَكُم؛ فالدَّمار عليكم" (١).


(١) "صحيح الجامع الصغير" (١/ ٢٢٠) (ح ٥٩٩)، وقال الألباني: "إسناده حسن".
وذكر في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (م ٣/ ٣٣٧) (ح ١٣٥١) أنّه رواه الحكيم التّرمذيّ في كتاب "الأكياس والمغترين" (ص ٧٨ - مخطوطة الظاهرية) عن أبي الدرداء مرفوعًا.
والحديث رواه ابن المبارك بتقديم وتأخير في كتاب "الزهد" (ص ٢٧٥) (ح ٧٩٧) بتحقيق حبيب الرّحمن الأعظمي.
وذكر الألباني إسناد ابن المبارك في "السلسلة"، وقال: "هذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم، ولكن لا أدري إذا كان بكر بن سوادة (رواية عن أبي الدرداء) سمع من أبي الدرداء أم لا؟ ".=

<<  <   >  >>