للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شديد، وقطعت الأرحام، فالقريب لا يصل قريبه، بل حصل بينهم التقاطع والتَّدابر، فتمر الشهور والسنون وهم في بلد واحد، فلا يتزاورون، ولا يتواصلون، وهذا لا شكَّ أنّه من ضعف الإِيمان، فإن الرسول - صلّى الله عليه وسلم - حثَّ على صلة الرّحم، وحذَّر من قطيعتها.

وقال: "إن الله خَلَقَ الخلق، حتّى إذا فرغ منهم؛ قامت الرّحم، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة؟ قال: نعم؛ أمّا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى. قال: فذاك لك".

ثمّ قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "اقرؤوا إن شئتُم: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (٢٢) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (٢٣) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (١) [محمّد: ٢٢ - ٢٤]

وقال عليه الصّلاة والسلام: "لا يدخلُ الجنَّة قاطع رحم" (٢).

وأمّا سوء الجوارة فحدِّث عنه ولا حرج، فكم من جارٍ لا يعرف نجاره، ولا يتفقَّد أحواله؛ ليمدَّ يد العون إليه إن احتاج! بل ولا يَكُفُّ شرَّه عنه.

وقد نهى النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - عن أذى الجار، فقال: "مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا يؤذي جارَه" (٣).


(١) "صحيح مسلم"، كتاب البرّ والصلة والآداب، باب صلة الرّحم وتحريم قطيعتها، (١٦/ ١١٢ - مع شرح النووي).
(٢) "صحيح مسلم" (١٦/ ١١٤ - مع شرح النووي).
(٣) "صحيح مسلم"، كتاب الإِيمان، باب الحث على إكرام الجار والضيف، (٢/ ٢٠ - مع شرح النووي).

<<  <   >  >>