للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعنه رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده؛ لا تذهبُ الدنيا حتّى يمرَّ الرَّجل على القبر، فيتمرَّغَ عليه، ويقولَ: يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر، وليس به الدَّين، إِلَّا البلاء" (١).

وتمنَي الموت يكون عند كثرة الفتن، وتغيُّر الأحوال، وتبديل رسوم الشّريعة، وهذا إن لم يكن وقع؛ فهو واقعٌ لا محالة.

قال ابن مسعود رضي الله عنه: "سيأتي عليكم زمانٌ لو وَجَدَ أحدُكُم الموت يُباع لاشتراه، وكما قيل:

وهذا العَيْشُ مَا لَا خَيْرَ فيهِ ... أَلا مَوْتٌ يُباعُ فأَشْتَريهِ" (٢)

قال الحافظ العراقي (٣): "ولا يلزم كونه في كلّ بلد، ولا كلّ زمن، ولا في جميع النَّاس، بل يصدق اتِّفاقه للبعض في بعض الأقطار في بعض الأزمان، وفي تعليق تمنِّيه بالمرور إشعار بشدَّة ما نزل بالناس من فساد الحال حالتئذ، إذ المرء قد يتمنَّى الموت من غير استحضار لهيئته، فإذا


(١) "صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، (١٨/ ٣٤ - مع شرح النووي).
(٢) "فيض القدير" (٦/ ٤١٨).
(٣) هو زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرّحمن العراقي الكردي الشّافعيّ، ولد في سنة خمس وعشرين وسبع مئة، وكان من الحفاظ، رحل إلى دمشق وحلب والحجاز والإِسكندرية، وأخذ عن العلماء الكبار، وله مصنَّفات كثيرة في الحديث، منها: "المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإِحياء من الأخبار"، و"تقريب الأسانيد"، وشرحه "طرح التثريب"، توفي زين الدين سنة ست وثمان مئة للهجرة رحمه الله.
انظر ترجمته في: "شذرات الذهب" (٧/ ٥٥ - ٥٦)، ومقدمة كتاب "طرح التثريب" (١/ ٢ - ٩) للشيخ محمود حسن ربيع.

<<  <   >  >>