للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عياض، وذكر أنّه يحتمل أن يكون ذلك في أزمان متفرِّقة (١).

وذكر الحافظ ابن حجر أنّه يحتمل أن يكون المراد كلًّا من الزمنين:

زمن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -؛ بدليل قصة الأعرابي؛ كما في البخاريّ عن جابر رضي الله عنه: جاء أعرابيٌّ إلى النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -، فبايعه على الإِسلام، فجاء من الغد محمومًا، فقال: أقِلْني. فأبى؛ ثلاث مرار. فقال: "المدينة كالكير، تنفي خَبَثَها، وينصح طيبُها" (٢).

والزمن الثّاني زمن الدجَّال؛ كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه ذكر الدَّجَّال، ثمّ قال: "ثمّ ترجف المدينة بأهلها ثلاث رَجَفات، فيُخْرِجُ الله إليه كلّ كافر ومنافق".

رواه البخاريّ (٣).

وأمّا ما بين ذلك من الأزمان؛ فلا؛ فإن كثيرًا من فضلاء الصّحابة قد خرجوا بعد النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - من المدينة؛ كمعاذ بن جبل، وأبي عبيدة، وابن مسعود، وطائفة، ثمّ خرج عليٌّ، وطلحة، والزُّبير، وعمار، وغيرهم، وهم من أطيب الخلق، فدلَّ على أن المراد بالحديث تخصيص ناس دون ناس، ووقت دون وقت؛ بدليل قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى


(١) انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (٩/ ١٥٤).
(٢) "صحيح البخاريّ"، كتاب فضائل المدينة، باب المدينة تنفي الخبث، (٤/ ٩٦ - مع الفتح).
(٣) "صحيح البخاريّ"، كتاب فضائل المدينة، باب لا يدخل الدجال المدينة، (٤/ ٩٥ - مع الفتح).

<<  <   >  >>