للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن اشتباه قصته وكونه أحد الدجاجلة الكاذبين قوله للنبي- صلّى الله عليه وسلم -: أتشهد أني رسول الله؟! ودعواه أنّه يأتيه صادق وكاذب، وأنّه يرى عرشًا فوق الماء، وأنّه لا يكره أن يكون هو الدَّجَّال، وأنّه يعرف موضعه، وقوله: إنِّي لأعرفه وأعرف مولده وأين هو الآن، وانتفاخه حتّى ملأ السكة.

وأمّا إظهاره الإسلام، وحجُّه، وجهاده، وإقلاعه عما كان عليه؛ فليس بصريح في أنّه غير الدَّجّال" (١).

وكلام النووي هذا يُفْهَم منه أنَّه يرجِّح كون ابن صياد هو الدَّجّال.

وقال الشوكاني: "اختلف النَّاس في أمر ابن صياد اختلافًا شديدًا، وأشكل أمره، حتّى قيل فيه كلّ قول، وظاهر الحديث المذكور أن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - كان متردِّدًا في كونه الدَّجّال أم لا؟ ...

وقد أُحبيب عن التردُّد منه - صلّى الله عليه وسلم - بجوابين:

الأوّل: أنّه تردَّد - صلّى الله عليه وسلم - قبل أن يُعْلِمَهُ الله بأنّه هو الدَّجّال، فلما أعلمه؛ لم ينكر على عمر حَلِفَه.

الثّاني: أن العرب قد تُخْرِج الكلام مخرج الشك، وان لم يكن في الخبر شكٌّ.

ومما يدلُّ على أنَّه هو الدَّجَّال ما أخرجه عبد الرزَّاق (٢) بإسناد صحيح عن ابن عمر؛ قال: "لقيت ابن صياد يومًا -ومعه رجلٌ من اليهود- فإذا عينُه قد طفت وهي خارجةٌ مثل عين الحمار، فلما رأيتُها؛ قلتُ: أنشدك الله يا


(١) "شرح النوويّ لمسلم" (١٨/ ٤٦ - ٤٧).
(٢) "المصنِّف" (١١/ ٣٩٦)، تحقيق حبيب الرّحمن الأعظمي.

<<  <   >  >>