للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبل أن ينزل على النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - بيان ما معه من الخوارق؛ بدليل قول المغيرة للنبي- صلّى الله عليه وسلم -: "يقولون: إن معه ... "، ولم يقل للنبي- صلّى الله عليه وسلم -: إنك قلت فيه كذا وكذا. ثمَّ جاء الوحي بعد ذلك ببيان ما يكون مع الدَّجَّال من الخوارق والآيات، فلا منافاة بين حديث المغيرة وأحاديث الدَّجَّال.

٣ - إن خوارق الدَّجّال حقيقية، وليست بخيالات ولا تمويهات، وهذه الخوارق من الأمور الّتي أقدره الله عليها فتنةً وابتلاءً للعباد، والدَّجَّال لا يمكن أن يشتبه حاله بحال الأنبياء؛ لأنّه لم يثبت أنّه يدعي النبوَّة حال ظهور الخوارق على يديه، بل يكون ظهور الخوارق عند ادِّعائه الرُّبوبية (١).

٤ - إن استبعاد رشيد رضا لما رُوي من أن الدَّجَّال يظهر على الأرض كلها في أربعين يومًا؛ إِلَّا مكّة والمدينة: ليس عليه دليل، بل جاء الدّليل بخلافه؛ فإنَّه ورد في رواية مسلم أن بعض أيّام الدَّجَّال يكون قدر سنة، وبعضها قدر شهر، وبعضها قدر أسبوع ... كما سبق ذكر ذلك (٢).

٥ - أن ما يُعْطاهُ الدَّجَّال من الخوارق ليس فيه مخالفة لسنن الله الكونية؛ فإننا لو أجرينا كلام رشيد رضا على ظاهره لأبطلنا معجزات الأنبياء؛ لأنّها مخالفة لسنن الله الكونية، وما يُقال في خوارق الأنبياء وأنّها ليست مخالفة لسنن الله تعالى يقال في الخوارق الّتي يُعطاها الدَّجَّال على سبيل الفتنة والامتحان والابتلاء.

٦ - لو سلَّمنا أن خوارق الدَّجَّال مخالفة لسنن الله الكونية؛ فإننا


(١) انظر: "فتح الباري" (١٣/ ١٠٥).
(٢) انظر (ص ٢٩٨).

<<  <   >  >>