للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يدلُّ على أن هذا السدَّ موجود لم يندكَّ ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - في السد؛ قال: "يحفرونه كلّ يوم حتّى إذا كادوا يخرقونه؛ قال الّذي عليهم: ارجِعوا، فستخرقونه غدًا. قال: فيعيده الله عزَّ وجلَّ كأشدَّ ما كان، حتّى إذا بلغوا مدَّتَهم، وأراد الله تعالى أن يبعثهم على النَّاس؛ قال الّذي عليهم: ارْجِعُوا فستخرقونه غدًا إن شاء الله تعالى، واستثنى. قال: فيرجعون وهو كهيئته حين تركوه، فيخرقونه، ويخرجون على النَّاس، فيستقون المياه، ويفرُّ النَّاس منهم" (١).

والذي جاء في حديث "الصحيحين" -كما سبق- أنّه فُتحَ منه جزءٌ يسير، ففزع من ذلك النبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -.

ويرى الأستاذ سيد قطب رحمه الله من باب الترجيح لا من باب اليقين أن وعد الله بدكِّ السَّدَّ قد وقع، وأنّه قد خرج يأجوج ومأجوج، وهم التتار الذين ظهروا في القرن السابع الهجري، ودمَّروا الممالك الإِسلامية، وعاثوا في الأرض فسادًا (٢).

وفي هؤلاء التتار يقول القرطبي: "وقد خرج منهم - أي: الترك - في هذا الوقت أممٌ لا يحصيهم إِلَّا الله تعالى، ولا يردُّهم عن المسلمين إِلَّا الله تعالى، حتّى كأنّهم يأجوج ومأجوج أو مقدِّمتهم" (٣).

وكان ظهور هؤلاء التتار في زمن القرطبي، وسمع عنهم ما سمع من


(١) رواه التّرمذيّ واين ماجه والحاكم، ومر تخريجه قريبًا، وهو صحيح، انظر (ص ٣٥٩).
(٢) انظر: "في ظلال القرآن" (٤/ ٢٢٩٣ - ٢٢٩٤).
(٣) "تفسير القرطبي" (١١/ ٥٨).

<<  <   >  >>