للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأصوليين (١) إلى أن خبر الآحاد لا تثبت به عقيدة، وإنّما تثبت بالدَّليل القطعي؛ آية أو حديثًا عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -.

وهذا القولُ مردودٌ؛ فإن الحديث إذا ثبتت صحَّته برواية الثقات، ووصل إلينا بطريق صحيح؛ فإنّه يجب الإِيمان به، وتصديقه، سواء كان خبرًا متواترًا، أو آحادًا، وإنه يوجب العلم اليقيني، وهذا هو مذهب علماء سلفنا الصالح؛ انطلاقًا من أمر الله تعالى للمؤمنين بقوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (٣٦)} [الأحزاب: ٣٦].

وقوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ (٣٢)} [آل عمران: ٣٢]:

قال ابن حجر رحمه الله: "قَدْ شاعَ فاشِيًا عملُ الصَّحابة والتَّابعين بخبر الواحد؛ مِن غير نكيرٍ، فاقتضى الاتَّفاق منهم على القَبول" (٢).

وقالَ ابن أبي العز: "خبر الواحد إذا تلقَّته الأمة بالقبول، عملًا به، وتصديقًا له؛ يفيد العلم اليقيني عند جماهير الأمَّة، وهو أحد قسمي المتواتر، ولم يكن بين سلف الأمة في ذلك نزاع" (٣).


= الآحاد لا تفيد عقيدة، ولا يصح الاعتماد عليها في شأن المغيَّبات"!! -. وأنظر كتابه "الإسلام عقيدة وشريعة" (ص ٥٣). وانظر كتاب "المسيح في: القرآن، التوراة، والإِنجيل" (ص ٥٣٩) لعبد الكريم الخطيب.
(١) انظر: "شرح الكوكب المنير في أصول الفقه" (٢/ ٣٥٠ - ٣٥٢) للعلّامة محمّد بن أحمد بن عبد العزيز الحنبلي، تحقيق د. محمّد الزميلي، ود. نزيه حمَّاد.
(٢) "فتح الباري" (١٣/ ٢٣٤).
(٣) "شرح العقيدة الطحاوية"، لعلّي بن علي بن أبي العز الحنفي، (ص ٣٩٩ - ٤٠٠)، حققها جماعة من العلماء، وخرَج أحاديثها الشّيخ محمّد ناصر الدين الألباني، طبع =

<<  <   >  >>