للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الواردة في حديث حذيفة، وأوليتها باعتبار أنها أوَّل الآيات الّتي لا شيء بعدها من أمور الدنيا أصلًا، بل يقع بانتهاء هذه الآيات النفخ في الصور؛ بخلاف ما ذُكِرَ معها من الآيات الواردة في حديث حذيفة؛ فإنّه يبقى بعد كلّ آية منها أشياء من أمور الدُّنيا (١).

وأمّا ما جاء في بعض الروايات بأن خروجها يكون من اليمن، وفي بعضها الآخر أنها تحشر النَّاس من المشرق إلى المغرب؛ فيجاب عن ذلك بأجوبة:

١ - أنه يمكن الجمع بين هذه الروايات بأن كون النّار تخرج من قعر عدن لا ينافي حشرها النَّاس من المشرق إلى المغرب، وذلك أن ابتداء خروجها من قعر عدن، فإذا خرجت انتشرت في الأرض كلها، والمراد بقوله: "تحشر النَّاس من المشرق إلى المغرب"؛ إرادة تعميم الحشر لا خصوص المشرق والمغرب (٢).

٢ - أن النّار عندما تنتشر يكون حشرها لأهل المشرق أوَّلًا، ويؤيِّد ذلك أن ابتداء الفتن دائمًا من المشرق، وأمّا جعل الغاية إلى المغرب؛ فلأن الشّام بالنسبة إلى المشرق مغرب.

٣ - يحتمل أن تكون النّار المذكورة في حديث أنس كناية عن الفتن المنتشرة الّتي أثارت الشر العظيم والتهبت كما تلتهب النّار، وكان ابتداؤها من قِبَل المشرق، حتّى خرب معظمه، وانحشر النَّاس من جهة المشرق


(١) "فتح الباري" (١٣/ ٨٢).
(٢) "فتح الباري" (١٣/ ٨٢).

<<  <   >  >>