للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن أدركتُ ذلك. فقال: "عليك بالشام؛ فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده، فأمّا إذا أبيتم؛ فعليكم بيمنكم، واسقوا من غدركم، فإن الله توكَّل لي بالشام وأهله" (١).

وقد دعا رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - للشام بالبركة؛ كما ثبت في "الصّحيح" عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: قال النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "اللَّهُمَّ بارك لنا في شامنا، اللَّهُمَّ بارك لنا في يمننا" (٢).

وقد تقدَّم أن نزول عيسى -عليه السّلام- في آخر الزَّمان يكون بالشام، وبه يكون اجتماع المؤمنين لقتال الدَّجَّال.

وقد أنكر أبو عبيَّة أن تكون أرض الشّام هي أرض المحشر، فقال: "الكلام الّذي يحدِّد أرض المحشر لا دليل عليه من كتاب أو سنة أو إجماع، بل في القرآن الكريم ما ينقضه؛ قال الله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ} [إبراهيم: ٤٨]، فأين أرض الشّام إذن؟! " (٣).

ويجاب عنه بأن الأدلة متضافرة على أن أرض المحشر هي الشّام؛ كما سبق ذكرها.

والحامل له على هذا هو اعتقاده أن هذا الحشر في الآخرة، وليس


(١) "سنن أبي داود" (٧/ ١٦٠ - ١٦١ - مع عون المعبود) (ح ٢٤٦٦).
والحديث صحيح. انظر: "صحيح الجامع الصغير" (٣/ ٢١٤ - ٢١٥) (ح ٣٥٥٣).
(٢) "صحيح البخاريّ"، كتاب الفتن، باب قول النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "الفتنة من قبل المشرق" (١٣/ ٤٥ - مع الفتح).
(٣) "النهاية/ الفتن والملاحم" (١/ ٢٥٧)، تعليق محمّد فهيم أبو عبية.

<<  <   >  >>