ولمَّا كان من العقائد الّتي يجب الإِيمان بها: الإِيمان باليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب، ولما كان نظر الإِنسان قد لا يعدو هذه الحياة وما فيها من مَتاعٍ، فينسى اليوم الآخر، ولا يعمل له؛ جَعَلَ اللهُ بين يدي السّاعة أماراتٍ تدلُّ على تحقُّقها، وأنّها ستقع حتمًا، حتّى لا يخامر النَّاس أدنى شك فيها، ولا يفتنهم شيءٌ عنها.
فمن المعلوم أن الصادق المصدوق - صلّى الله عليه وسلم - إذا ذكر من أشراطها شيئًا، ورأى النَّاس وقوعَ ذلك الشيء؛ علموا يقينًا أن السّاعة آتيةٌ لا ريب فيها، فيعملوا لها، ويستعدُّوا لذلك اليوم، ويتزوَّدوا بالصَّالحات قبل فوات الأوان وانقضاء الأجل المحدود: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٥٧) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الزمر:٥٦ - ٥٨].
وكان النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - يقول في خطبته:"بُعِثْتُ أنا والساعة كهاتين".
وكان إذا ذَكَر السّاعة؛ احمرَّتْ وجنتاهُ، وعلا صوتُه، واشتدَّ غضبه؛ كأنّه نذير جيش يقول: صبَّحكم مسَّاكم (١).
(١) "صحيح مسلم"، كتاب الجمعة، باب خطبته - صلّى الله عليه وسلم - في الجمعة، (٦/ ١٥٣ - مع شرح النووي)، و"سنن النسائي" - واللفظ له-، كتاب صلاة العيدين، باب كيف الخطبة، (٣/ ١٨٨ - ١٨٩ - مع شرح السيوطيّ وحاشية السندي)، تصحيح حسن المسعودي، طبع دار إحاء التراث العربي، الشركة العامة، بيروت، و "سنن ابن ماجه"، المقدِّمة، باب اجتناب البدع والجدل، (١/ ١٧)، تحقيق محمّد فؤاد عبدالباقي.