للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن المنذر، وأبو الحسين بن بِشْران، وعلي بن أحمد الرَّزَّاز، وأبو علي ابن شَاذَان، وغيرُهم.

قال الخطيب: سَمِعْتُ غيرَ واحدٍ يحكي عن أبي عمر الزَّاهد أَنَّ الأشراف والكُتَّاب وأهل الأدب كانوا يحضُرون عنده ليسمعوا منه كتُت ثعلب، وغيرها، وكان له جُزْء قد جمع فيه الأحاديث التي تُروى في "فضائل مُعَاوية"، فكان لا يترك واحدًا منهم يقرأ عليه شيئًا حتى يبتدئ بقراءة ذلك الجُزْء، ثم يقرأ بعده ما قصد له، وكان جماعة من أهل الأدب يطعنون على أبي عمر ولا يوثِّقونه في علم اللغة حتى قال لي عبيدُ الله بن أبي الفتح: يقال إن أبا عمر كان لو طار طائر لقال: حدَّثنا ثعلب عن ابن الأعرابي- ويذكر في معنى ذلك شيئًا. فأما الحديث فرأيت جميع شيوخنا يوثقونه فيه ويصدِّقونه (١).

حدَّثنا علي بنُ أبي علي عن أبيه قال: ومن الرُّواة الذين لم نَرَ قط أحفظ منهم أبو عمر محمد بن عبد الواحد، المعروف بغُلام ثَعْلب، أملى من حِفْظه ثلاثين ألف ورقة لغةً فيما بلغني، وجميع كُتُبه التي في أيدي النَّاس إنما أملاها بغير تصنيف، ولسَعَة حِفْظه اتُّهم بالكذب (٢).

قال الخطيب: وحكى لي رئيس الرُّؤساء، شَرَف الوزراء أبو القاسم، عليُّ بنُ الحسن (٣) عمن حدَّثه: أن أبا عمر الزَّاهدَ كان يؤدِّب


(١) "تاريخ بغداد": ٢/ ٢٥٦ - ٢٥٧.
(٢) المصدر السابق.
(٣) المعروف بابن المُسْلِمة، استكتبه الخليفة القائم بأمر الله، واستوزره ولقبه رئيس الرؤساء، كان عالمًا بفنون كثيرة، قتله البساسيري في فتنته سنة (٤٥٠ هـ) في قصة مشهورة. انظر "تاريخ بغداد": ١١/ ٣٩١ - ٣٩٢، و"الكامل": ٩/ ٦٤٠ - ٦٤٤، و"طبقات الشافعية" للسبكي: ٥/ ٢٤٨ - ٢٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>