للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تيمور، وله أربع وستون سنة (١).

٦ - ثقافَتُه

يدهش المرء حقًّا من كثرة تحصيل ابن عبد الهادي، بل يكاد يشكُّ المرء للوهلة الأولى أن يكون هذا الإمام الكبير في كثير من العلوم قد مات شابًّا، بل إننا نرى من شك فعلًا في تاريخ وفاته، وقد رأى تبجيل الأقدمين له، وكثرة مؤلفاته، حتى وقع على نص تبين من خلاله ما لم يتبين له من قبل (٢)، وبرأيي أن من تتبَّع سيرةَ حياةِ ابنِ عبد الهادي يجد أن الأمر منسجمٌ مع المنطق، متساوق مع الحال، وأول ما نَلْمَسُه في هذه الشخصية العظيمة ما وهبها الله من صفات عقلية، فقد كان أحد الأذكياء (٣) -وهو تعبيرٌ كان القدامى يطلقونه على مَنْ نَصِفُه نحن بالعبقري- عنده قدرة فذَّة على المحاكمات العقلية المبنية على أسس سليمة، وهو ما يجمله الأقدمون بقولهم "صحيح الذِّهْن" (٤)، وله قدرة على معالجة أي موضوع بطريقة قريبة إلى الأفهام، سهلة المأخذ، وهو ما عناه الصفدي بقوله: "مليح الأخذ والإِيراد" (٥)، ثم هذه الطلاقة في التعبير، فكأنما الكلمات عبيد لأفكاره يستحضرها متى شاء، هذه


(١) ولد عمر في ذي القعدة سنة (٧٣٩ هـ)، انظر ترجمته في "الضوء اللامع": ٦/ ١١٥ - ١١٦.
وما أدري هل له ابن أو أبناء آخرون غير عمر؟ فالمصادر التي بين يدي لم تذكر غيره، ولعل عبد الله -الذي تكنى باسمه- لم ينبه في العلم فيذكر في كتب التراجم.
(٢) انظر "الأعلام" للزركلي: ٥/ ٣٢٦.
(٣) "الدرر الكامنة": ٣/ ٤٢١.
(٤) "البداية والنهاية": ١٤/ ٢١٠.
(٥) "أعيان العصر" (خ): ورقة ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>