قيل:"فربَّ راغب عن كلمةٍ غيرُهُ متهالك عليها، وزاهد عن نكتةٍ غيرُهُ مشعوف بها، ينضي الركاب إليها"(١).
وأخيرًا .. يُعَدُّ ابن عبد الهادي آخر من ألف في تراجم علماء الحديث بأصالة .. أما ما كتب بعده فلا يعدو أن يكون تلخيصًا للتذكرة أو تذييلًا واستدراكًا عليها.
[١١ - بين طبقات علماء الحديث وتذكرة الحفاظ]
لستُ أرمي -بادئ ذي بَدْء- إلى المفاضلة بين الكتابين، وإلى تبيان من اتكأ في عمله على الآخر .. وإنما هي محاولة لتلمُّس العلاقة بين كتابين أُلِّفا في موضوع واحد .. وفي عصر واحد ..
والمطَّلع على الكتابين تتبدَّى أمامه عِدَّة أسئلة .. مَنِ السابق في التأليف؟ .. وما مدى اعتماد أحدهما على الآخر؟ .. وما مدى الأصالة عند كل منهما في هذا الموضوع؟ ..
ومبعث هذه الأسئلة -في رأيي- هو فهمنا الخاص لطبيعة التأليف في عَصْرنا، والتي تختلف تمامًا عن طبيعة التأليف عند القدامى .. والتي يميزها غلبة النَّقْل على الإِنشاء، وخاصة في العصور المتأخرة ..
إن كتابًا كالكامل في التاريخ لابن الأثير لا يفقد قيمته حتى حين نعرف المصادر التي نقل منها، ولا يمكن أن نجرد ابن الأثير من كامله وأن نغفل بصماته منه، وإن معجمًا كلسان العرب أيضًا لا يفقد