للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطلاقة الي تكسب ثقة متبادلة بين المتكلِّم والمستمع على حدٍّ سواء، وهي ما عبَّر عنها الذهبي بقوله: له "ذِهْنٌ سَيَّال" (١)، وما عناه الصفدي بقوله "سَيل يتحدَّر" (٢).

هذا الصَّفاء الذهني (٣)، وهذا الاستعداد الفطري، آزرهما تخرجه بكبار علماء عصره: المِزِّي وابن تيمية، مع مشايخه الآخرين الذين تفردوا بعلو الإِسناد، ثم قراءته على نفسه، وشغفه الكبير بالمطالعة الذي تجلَّى في نهاية حياته، حين آثر أن ينزل عن وظائفه بالمدارس ويتفرَّغ لعلمه (٤).

هذه المكونات مجتمعة، جعلته إمامًا في علوم: كالتفسير والقراءات والحديث والأصول والفِقْه واللغة والعربية (٥)، وجعلته يحصِّل من العلوم ما لا يبلغه الشيوخ الكبار (٦).

ولكن العلم الذي تفوَّق به، وتفنن فيه، هو علم الرجال والعلل، فقد تبحر في هذا العلم حتى كاد يصل به إلى الغاية، بل إنه ضيق على المِزي فيه المجال على حد تعبير معاصره الصفدي (٧)، ومؤلفاته التي تركها -ومعظمها ويا للأسف لم يصلْنا منه سوى عنوانه- تشهد بهذا


(١) "تذكرة الحفاظ": ٤/ ١٥٠٨.
(٢) "أعيان العصر" (خ): ورقة ١٢١.
(٣) "الوافي بالوفيات": ٢/ ١٦٢.
(٤) "الوافي بالوفيات": ٢/ ١٦١.
(٥) "الرد الوافر": ٣٠.
(٦) "البداية والنهاية": ١٤/ ٢١٠.
(٧) "أعيان العصر" (خ): الورقة ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>