وحكى غيرُ واحد عن أبي إسحاق بن حمزة، قال: ما رأيت مثْلَ أبي عبد الله بنِ منده.
وقال جعفر المُسْتَغْفِري: ما رأيت أحدًا أحفظَ من أبي عبد الله بنِ منده، سألته يومًا: كم تكون سماعات الشيخ؟ قال: تكون خمسة آلاف مَنٍّ (١).
وقال أحمد بن جعفر الحافظ: كتبت عن أزيد من ألف شيخ، ما فيهم أحفظ من ابن مَنْدَه.
وقال أبو إسماعيل الأنصاري الهَرَوي: أبو عبد الله بن مَنْدَه سَيِّد أهل زمانه.
وذكر أبو زكريا بن مَنْدَه في "تاريخه" عن أبيه وعمَّيه وغيرهم: أن أبا عبد الله قال: ما افتصدتُ قَطُّ، ولا شربتُ دواءً قَطُّ، وما قبِلْتُ من أحدٍ شيئًا قط.
قال أبو زكريا: وكنت مع عمي عبيد الله في طريق نَيسَابور، فلما بلغنا بئر مَجَنَّة، حكى لي عمي قال: كنت ها هنا يومًا فعرَض لي شيخ جَمَّال فقال: كنت قافلًا عن خُرَاسان مع أبي، فلما وصلنا إلى هنا إذا نحن بأربعين وِقْرًا من الأحمال، فظننا أَنَّ ذلك ثياب، فإذا خيمة صغيرة فيها شيخ، وإذا هو والدك، فسأله بعضنا: ما هذه الأحمال؟ فقال: هذا مَتَاع قَلَّ مَنْ يرغب فيه في هذا الزمان، هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر لي عمي بعد ذلك فقال: كنت قافلًا عن خُرَاسان ومعي عشرون وِقْرًا من الكتب، فنزلت بها عند البئر اقتداءً بالوالد.
(١) قال الإمام الذهبي في "تذكرة الحفاظ": ٣/ ١٠٣٤ "المن يجيء عشرة أجزاء كبار".