للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال عبد القادر الرُّهَاوي: حَصَّل من المسموعات بأصْبَهان ما لم يحصلْ لأحدٍ في زمانه؛ وانضمَّ إلى ذلك الحِفْظُ والإِتقان، وله التَّصَانيف التي أَرْبى فيها على المتقدِّمين مع الثِّقَة والعِفَّة، له شيءٌ يسير يتربَّح به (١)، وينفق منه، ولا يقبل من أحدٍ شيئًا قط، أوصى إليه غيرُ واحدٍ بمالٍ؛ فيرُدُّه، فيقال له: فرِّقْه على مَنْ ترى. فيمتنع، وكان فيه من التَّوَاضع بحيث إنه يقرئ الصَّغير والكبير، ويرشِدُ المبتدئ، رأَيته يُحَفظ الصِّبْيان القُرْآنَ في الألواح، وكان يمنع مَنْ يمشي معه، فعلتُ ذلك مَرَّةً فَزَجَرَني، وتردَّدْت إليه نحوًا من سَنَة ونصف فما رأيتُ منه ولا سَمِعْتُ عنه سَقْطة تُعَاب عليه.

وكان أبو مسعود كُوتاه (٢) يقول: أبو موسى كنز مخفيٌّ.

توفِّيَ في تاسع جُمَادى الأُولى سنةَ إحدى وثمانين وخمس مئة، ولما ماتَ لم يكادوا أن يَفْرُغوا حتَّى جاء مَطَرٌ عظيمٌ في الحَرِّ الشَّديد؛ وكان الماءُ قليلًا بأَصْبَهان.

وفيها: ماتَ الحافظ أبو سَعْد محمد بن عبد الواحد الْأَصْبَهاني الصَّائغ، وله أربع وثمانون سنة. والإمام أبو الطَّاهر إسماعيل بن مكِّي بن إسماعيل بن عيسى بن عَوْف الزُّهْري العَوْفي الإِسْكنْدَرَاني المالكي، وله ستُّ وتسعون سنة. والقُدْوة الزَّاهد شيخ أهل حَرَّان الشيخ حياة بن قيس بن رَجَّال (٣) الأَنْصَاري. والمسنِدُ أبو القاسم عبد الرحمن بن


(١) وفي "تذكرة الحفاظ": ٤/ ١٣٣٥ "يترقح به". وترقيح المال: إصلاحه والقيام عليه. "اللسان" (رقح).
(٢) سلفت ترجمته برقم (١٠٦٧) من هذا الكتاب.
(٣) في "تذكرة الحفاظ": ٤/ ١٣٣٦ "رحال"، وهو تصحيف. انظر ترجمه في "سير أعلام النبلاء": ٢١/ ١٨١ - ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>