للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو عبد الله الْأبَّار: كان متَّسِعَ الرواية، شديد العِنَاية بها، عارفًا بوجوهها، حُجَّة، مُقدَّمًا على أهل وقته، حافِظًا، حافلًا، أخباريًّا، تاريخيًّا، ذاكرًا لأخبار الْأَندلس. سَمِعَ العالي والنَّازل، وأسند عن شيوخه أزيدَ من أربع مئة كتاب بين صَغِيرٍ وكبير، ورَحَل إليه النَّاس، وأخذوا عنه، حدَّثنا عنه جماعة، ووصفوه بصلاح الدِّخْلة، وسلامة الباطن، وصحة التَّواضع، وصِدْق الصَّبر للطَّلَبة، وطول الاحتمال، ألّفَ خمسين تأليفًا في أنواع العِلْم، وولي بإشبيلية قَضَاءَ بعضِ جِهَاتها نيابةً لابن العَرَبي، وعقد الشُّروط، ثُمَّ اقتصر على إسماع العِلْم، وعلى هذه الصِّناعة وهي كانت بضاعته، والرُّواة عنه لا يُحصون (١).

وذكره ابن الزبير فاستوعب ترجمته وأثنى عليه، وقال: كان يُؤْثر الخمول، والقُنُوع بالدُّون من العَيش.

توفِّيَ في ثامن رمضان سنةَ ثمانٍ وسبعين وخمس مئة، وله أربع وثمانون سنة، ودُفِنَ بمقبرة الإِمام يحيى بن يحيى اللَّيثي.

وفيها: مات زاهِدُ العِراق الشيخُ أحمد بن علي الرِّفَاعي بالبطائح (٢)، وله تسع وسَبْعون سنة. والشَّيخُ أبو طالب الخَضِر بن هِبَة الله بن أحمد بن طاوس بدمَشْق. ومسنِدُ الوقت خَطِيبُ المَوْصل أبو الفَضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطُّوسيُّ في رمضان، وله اثنتان وتسعون سنة. وعالم دمشق قطْبُ الدِّين مسعود بن محمد بن مسعود النَّيسَابوري الشَّافعي.


(١) "التكملة": ١/ ٣٠٥ - ٣٠٧.
(٢) هي عدة قرى مجتمعة في وسط الماء بين واسط والبصرة. "اللباب": ١/ ١٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>