للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد كتب الحافظ أبو موسى المَدِيني: يقول أبو موسى عفا الله عنه: قَلَّ مَنْ قَدِمَ علينا من الأصحاب من يفهم هذا الشأن كفهم الإمام ضياء الدين (١) عبد الغني بن عبد الواحد المَقْدسي زاده الله توفيقًا، وقد وُفِّق لتبيين هذه الغَلَطات؛ يعني التي في كتاب "معرفة الصَّحابة" لأبي نعيم.

قال: ولو كان الدَّارَقطْني في الأحياء وأمثاله لصوَّبوا (٢) فعله، وقَلَّ من تفهَّم في زماننا لما فهمه.

وقال الحافظ ضياء الدين: ثم سافر الحافظُ إلى أَصْبهان، وكان خَرَج وليس معه إلا قليل فلوس، فسهَّل الله من حَمَله، وأنفق عليه؛ فأقام بأَصْبَهان مُدَّة، وحصَّل بها الكتب الجيِّدة، وكان ليس بالأبيض الْأَمْهَق (٣) يميل إلى سُمْرة، حسن الثَّغْر، كثّ اللِّحية، واسع الجبين، عظيم الخلق، تام القامة، كان النُّورَ يخرج من وجهه، ضَعُفَ بَصره من كثرة الكتابة والبكاء، صنَّف "المِصْباح" في ثمانية وأربعين جُزْءًا، مشتمل على أحاديث الصحيحين، وكتاب "نهاية المراد" في السنن نحو مئتي جُزْء لم يبيضه، ثم سَرَدَ أسماء مؤلفاته، وذكر ترجمته في عِدَّة كراريس.

وقال: كان لا يكاد أَحَدٌ يسأله عن حديثٍ إلا ذكره له وبيَّنَه،


(١) كذا في الأصل، ومثله في "تذكرة الحفاظ": ٤/ ١٣٧٣، ومثله أيضًا في "سير أعلام النبلاء": ٢١/ ٤٤٩، وهو وهم، لعله من أبي موسى نفسه، فقد مر في صدر الترجمة أنه "تقي الدين".
(٢) في الأصل: لصوتوا، وهو تصحيف.
(٣) الأمهق: الأبيض الشديد البياض الذي لا يخالط بياضَه شيءٌ من الحمرة، وليس بنيِّر، ولكن كلون الجص أو نحوه. "اللسان" (مهق).

<<  <  ج: ص:  >  >>