للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ربيعة اليمنى: قد رأيتُ أبا موسى المَدِيني، وهذا الحافظ عبد الغني أحفظ منه.

قال الشيخ الضِّياء: كل من رأينا من المحدثين يقول: ما رأينا مِثْلَ الحافظ عبد الغني. وهو الذي حرَّضني على السَّفَر إلى مِصْر، وبَعَثَ معنا ابنه عبد الرحمن [وهو] (١) ابن عشر سنين، وهو الذي سفَّر إسماعيل بن ظفر، وأعطاه، فسار إلى أَصْبهان، وإلى خُرَاسان، وحرَّض يوسف بن خليل على الرِّحْلة، وكان يقرأ الحديث ليلة الخميس وبعد الجمعة بجامع دمشق، ويجتمع خَلْقٌ، ويبكي الناس كثيرًا، ثم يطوِّل لهم الدعاء.

قال: وكان الحافظ لا يضيِّع شيئًا من زمانه، كان يصلِّي الفجر، ويلقن القرآن، وربما لقَّن الحديث، ثم يقوم فيتوضأ، ويصلي ثلاث مئة رَكْعة بالفاتحة والمعوِّذتين (٢) إلى قُبَيل الظهر، فينام نومة، ثم يصلي الظهر، ويشتغل بالتسميع أو النسخ إلى المغرب، فيفطر إن كان صائمًا، ويصلِّي العِشاء، ثم ينام إلى نصف الليل وبعده، ثم يتوضأ ويصلي، ثم يتوضأ ويصلي إلى قريب الفجر، وربما توضأ سبع مَرَّاتٍ أو أكثر، ويقول: تطيب لي الصلاة ما دامت أعضائي رَطْبة. ثم ينام نومة خفيفة قبل الفجر، وهذا دأبه.

قال: وكان جَوَادًا، كريمًا، لا يدَّخر شيئًا ولا دِرْهمًا. وقيل: كان يخرج في اللَّيل بقِفَاف الدَّقيق، فإذا فتحوا له ترك ما معه ومضى؛


(١) ما بين حاصرتين ليس في الأصل، والمثبت من "تذكرة الحفاظ": ٤/ ١٣٧٥.
(٢) ضبطت في "سير أعلام النبلاء": ٢١/ ٤٥٢ بفتح الواو المشددة، وهو وهم، انظر "اللسان" (عوذ).

<<  <  ج: ص:  >  >>