وناظروه، وأمروه أن يكتب خطه بما يوافقهم فلم يفعل، ثم ذكر محنته، وما جرى له مع الكامل والعادل والأفضل، وذكر خروجه إلى بَعْلَبَك، ثم توجهه إلى مِصْر، وأطال في ذلك، وقال: بلغني أن الحافظ أمر أن يكتب اعتقاده، فكتب: أقول كذا لقول الله تعالى كذا، وأقولَ كذا لقول النبي صلى الله عليه وسلم كذا حتى فرغ من المسائل، فلما وقف عليها الكامل قال: أيش أقول في هذا؛ يقول بقول الله ورسوله. فخلَّى عنه.
وسمعت أحمد بن محمد بن عبد الغني يقول لي: رأيت أخاك الكمال عبد الرحيم في النَّوْم. فقلت: أين أنت؟ قال: في جنَّة عَدْن. فقلت: أيما أفضل الحافظ عبد الغني أو الشيخ أبو عمر؟ فقال: ما أدري، وأما الحافظ فكلُّ ليلة جُمُعة يُنصب له كرسي تحت العَرْش يقرأُ عليه الحديث، وينثر عليه الدُّرُّ، وهذا نصيبي منه. فأشار إلى كُمِّه.
سمعت أبا موسى (١) يقول: مَرِضَ والدي أيامًا، ووضأته وقت الصُّبْح، فقال: يا عبد الله، صلِّ بنا وخفِّف. فصلَّيتُ بالجماعة، وصلَّى معنا جالسًا، ثم قال: اقرأ عند رأسي {يس}، فقرأتُها، وقلت: هنا دواء تشربه؟ فقال: ما بقي إلا الموت. فقلت: ما تشتهي شيئًا؟ قال: أشتهي النَّظر إلى وجه الله. فقلت: ما أنت عني راض؟ قال: بلى. وجاؤوا يعودونه، وجعلوا يتحدثون؛ ففتح عينيه وقال: ما هذا؟ ! اذكروا الله، قولوا: لا إله إلا الله. ثم دخل رجل؛ فقمتُ لأناوله كتابًا من جانب المسجد؛ فرجعت وقد توفِّي يوم الاثنين الثالث والعشرين من ربيع الأول سنة ست مئة، رحمه الله.